بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معا ويدا بيد نتعلم اللغة العربية
اللغة هي اهم وسيلة اتصال بين الناس ولا يمكن ان نجد مجتمعا دون لغة وعلم اللغة الحديث ينظر إلى اللغات جميعاً على حد سواء ، ويشير بعض الباحثين إلى أن اللغة كانت إشارية أي تلك الإشارات التي مازلنا نستعمل بعضها كحركات اليدين والأصابع وهي حركات تقوم مقام اللغة المتعارف عليها
ودليلهم على أن اللغة كانت إشارية أن لغة الصم منظومة من اللغة وهي بالإشارات دون استعمال حرف واحد إلا أننالحد الان نستعمل الإشارات أحيانا بدل الكلام.
التعريفات الحديثة للغة :
هناكتعريف لدائرة المعارف البريطانية يقول : هي نظام من الرموز والوسائل الصوتيةوالمفردات والنحو وما إلى ذلك من القواعد التي تعد أداة للتعبير عن الأفكار والاحاسيس كذلك اللغة ظاهرة اجتماعية تشكل مع الفكر وحدة عضوية إذ لا توجد لغة دون فكر ولا فكر دون لغة .
يقول المفكر الأمريكي إدوارد سابير : اللغة وسيلة للإنسانية لتوصيل الأفكار والانفعالات والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية أي نتكلم عندما نرغب أما عندما لانرغب فلا نتكلم
يقول ستيفن أولمان : اللغة نظام من رموز صوتية مخزونة في أذهان أفراد الجماعة اللغوية فاللغة نظام من الرموز الصوتية الاصطلاحية .
يقول الفيلسوف الصيني هونغ تسو : إنما نسمي الأشياء كما نرغب فإذا تمت رغبتنا اعتدنا على التسمية ولا تملك الأسماء حقيقة صوتية تلائم الأشياء تلاؤماً ضرورياً
هذه كانت عرضا لمواقف العلماء والفلاسفة حول نشأة اللغة ولكن كانت تلك الدراسات بدائية نوعا ما وبفضل الدراسات الحديثة والمتابعة الجدية توصلوا إلى دلائل ربما تكون مقنعة فقد تسائلوا : كيف نشأت اللغة ؟ وهل اللغة وجدت بشكل كامل منذ أن خلق الإنسان؟
هذه الأسئلة حاول الكثيرون الإجابة عليها منذ عصر أفلاطون وتلميذه أرسطو
حيث رأى أفلاطون ان اللغة هبة من الطبيعة والإنسان يتلقاها من الطبيعة ثم تطور وتلقاها من الله فسميت بالتوفيقية . واستمر الجدل إلى أن قال ارسطو أن اللغة من نشأة المجتمع ثم انتقل الجدل إلى أن العرب بانتقال الفلسفة اليونانية إليهم فمنهم من قال أنها توفيقية واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى : ( وعلم ادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين )
ثم جاء فريق أخر ومن بينهم ابن جني حيث قال : لا وذلك لأن معنى قوله (وعلم ادم ) لايعني التعليم المباشر وإنما معناه أقدر وأعطى ا لقدرة بدليل ورود الكلمة في أيات أخرى بذاك المعنى
في الحقيقةإلى وقتنا هذا والناس يتجادلون حول نشأة اللغة فهو باب مشرع على مصرعيه فإذا كان المجتمع متطورا كانت اللغة متطورة وإذا تخلف المجتمع أصبحت لغته متخلفة فمثلاً بعد انحدار العصر العباسي لم يعد هناك مجتمعاً ينتج علماً واسعاً أوحركة أدبية فالشعوب لم تعرف سوى انحصارها تحت الغزو المغولي ومنه إلى الاحتلال العثماني خروجاً منه إلى الغزو الغربي لكافة البلاد العربية إضافة إلى ذلك رحنا نستبدل كلماتنا بكلمات دخيلة على اللغة والمجتمع.
في النهاية إن الدراسات الحديثة تذهب إلى أن اللغة نتجت عن تطور الصيحات والصرخات والاشارات بدليل إلى أننا حتى الان لم نستطع ان نتخلى عن الاشارات في حديثنا وتواصلنا مع الأخرين
علم اللغة
لم يقف تأثير اختلاط العرب بالعجم إبان مرحلة الفتوح الإسلامية عند حد فساد ملكة اللسان العربي، الذي بدأ يلحن في إعراب الكلمات وعدم ضبطها الضبط الصحيح، بالفتح حين تكون مفتوحة، والكسر حين تكون كذلك... بل تعدى التأثير لذلك الاختلاط إلى فساد موضوعات الألفاظ، بمعنى أنك أصبحت مع مرور الزمن ترى من العرب من يستعمل الكلمة في غير معناها الموضوعة له في لغة العرب أصلا.
مواجهة فساد الإعراب وفساد الموضوعات:
وإذا كان المسلمون قد واجهوا فساد ملكة الإعراب باللسان بوضع قواعد علم النحو، وسعوا فيه سعياً حديثاً، واجتهدوا فيه اجتهادا كبيراً، حتى تم لهم ذلك فيه... فإن علماء المسلمين لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام النوع الآخر من فساد موضوعات الألفاظ ـ الذي رأوا فيه خطراً داهماً يهدد كيان اللغة العربية لغة القرآن نفسها ـ بل اخترعوا علم اللغة، أو علم متن اللغة، أو مانسميه اليوم بالمعاجم اللغوية أو كتب قواميس اللغة.
تعريف علم اللغة:
ولقد عرف صديق بن حسن القنوّجي علم اللغة في كتابه ( أبجد العلوم) فقال: هو علم باحث عن مدلولات جواهرالمفردات وهيئاتها الجزئية التي وضعت تلك الجواهر معها لتلك المدلولات بالوضع الشخصي، وعما حصل من تركيب كل جوهر، وهيئاتها من حيث الوضع والدلالة على المعاني الجزئية.
هدف علم اللغة:
وغاية هذا العلم أولاً: الاحتراز عن الخطأ في فهم المعاني الوضعية، والوقوف على مايفهم من كلمات العرب، أي أن نعلم مامعنى كلمة الحكمة مثلاً، أو معنى كلمة اختَضَرَ الشجرَ، فإذا راجعنا كتاباً من كتب اللغة ـ كالقاموس المحيط مثلاً ـ وبحثنا عن كلمة الحكمة علمنا أنها تعني: معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، وعلمنا أن كلمة اختضر الشجر تعني: قطعه أخضرا.. وهكذا.
ولاشك أن هذا العلم قد حفظ كيان اللغة العربية وألفاظها ومعانيها، بحيث نستطيع رغم مرور الزمن الطويل بواسطة هذا العلم، أن نعلم المعنى الحقيقي للكلمات التي نطق بها العرب الفصحاء الذين نزل القرآن بلغتهم الفصيحة الخالية من الألفاظ الأعجمية أوالتراكيب الفاسدة.
وإضافة إلى ذلك فإن هذا العلم ـ علم اللغة ـ يفيد في التفنن في الكلام وفضل طلاقة العبارة وجزالتها، ويحصر في قوالب ثابتة قياسية وسماعية جميع ماورد عن العرب من كلمات، مع ذكر الشواهد للغريب منها من شعر أو نثر أو آية أو حديث، كما يضع الضوابط والقواعد لاستحداث مانحتاج إليه من مصطلحات أو كلمات مولّدة.
الخليل بن أحمد وعلم اللغة:
وإذا كانت المصادر تجمع على أن سابق الحلبة في هذا العلم الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفى سنة 175هـ، فما ذلك إلا لأنه جمع فأوعى، وكتب فأحسن وأجاد، وإلا فإن غيره قد سطر فيه قليلاً وكتب فيه رسائل.
يقول الأستاذ السيد أحمد الهاشمي في كتابه (جواهر الأدب) عن علم اللغة: وأول ماوضع الأئمة فيه رسائل وكتباً صغيرة في موضوعات خاصة، فلما ظهر الخليل أحصى ألفاظ اللغة بطريقة حسابية في كتاب، ورتبه على حروف المعجم، مقدماً حروف الحلق، ومبتدئاً منها بالعين، ولذلك سميَّ معجمه كتاب ( العين).
ولنا أن نتساءل كيف بنى المسلمون هذا العلم ولموا به شمل اللغة وجمعوا متناثرها.
ويجيبنا على هذا التساؤل خير إجابة الإمام ابن خلدون في مقدمته... يقول عن الخليل وكتابه العين وأسلوبه في حق كلمات اللغة:
( فحصر فيه مركبات حروف المعجم كلها، من الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي، وهو غاية ماينتهي إليه التركيب في اللسان العربي، وتأتّى له حصر ذلك بوجوه عديدة حاصرة، وذلك أن جملة الكلمات الثنائية تخرج من جميع الأعداد على التوالي من واحد إلى سبعة وعشرين، وهو دون نهاية حروف المعجم بواحد، لأن الحرف الواحد منها يؤخذ مع كل واحد من السبعة والعشرين فتكون سبعاً وعشرين كلمة ثنائية، ثم يؤخذ الثاني مع الستة والعشرين كذلك).
ويتابع ابن خلدون شرح طريقة تراكيب الكلمات عند الخليل حتى يقول بعد ذلك: ( فانحصرت له التراكيب بهذا الوجه، ورتب أبوابه على حروف المعجم بالترتيب المتعارف، واعتمد فيه ترتيب المخارج، فبدأ بحروف الحلق ثم مابعده من حروف الحنك، ثم الأضراس، ثم الشفة وجعل حروف العلة آخراً، وهي الحروف الهوائية، وبدأ من حروف الحلق بالعين لأنه الأقصى منها، فلذلك سمى كتابه (العين) لأن المتقدمين كانوا يذهبون في تسمية دواوينهم إلى مثل هذا، وهو تسميتةُ بأول مايقع فيه من الكلمات والألفاظ، ثم بيّن المهمل منها من المستعمل، وكان المهمل في الرباعي والخماسي أكثر، لقلة استعمال العرب له لثقله، ولحق به الثنائي لقلة دورانه، وكان الاستعمال في الثلاثي أغلب، فكانت أوضاعه أكثر لدورانه.
ويقصد بالثلاثية طبعاً ماكان ثلاثة أحرف من الكلمات ككلمة نَصَرَ، والرباعية ماكان رباعياً كزلزل وهكذا.
طريقة علماء اللغة:
وتابع العلماء الجهود المباركة في تدوين علم اللغة على اختلاف طرائقهم وأساليبهم.
ويبين بعض تلك الطرق ومستندها صاحب كتاب (أبجد العلوم) فيقول: واعلم أن مقصد علم اللغة مبني على أسلوبين:
لأن منهم من يذهب من جانب اللفظ إلى المعنى بأن يسمع لفظا ويطلب معناه.
ومنهم من يذهب من جانب المعنى إلى اللفظ.
فلكل من الطريقين قد وضعوا كتباً ليصل كلٌ إلى مبتغاه، إذ لاينفعه ماوضع في الباب الآخر.
فمن وضع بالاعتبار الأول ـ أي أسلوب البحث عن معاني الكلمات بعد سماع ألفاظها ـ فطريقه ترتيب حروف التهجي، إما باعتبار أواخرها أبواباً وباعتبار أوائلها فصولا، تسهيلاً للظفر بالمقصود، كمـا اخـتاره الجوهري في الصحاح، ومجد الدين في القاموس، وإما بالعكس أي اعتبار أوائلها أبواباً وباعتبار أواخرها فصولا كما اختاره ابن فارس في (المجمل) والمطرزي في (المغرب).
ومن وضع بالاعتبار الثاني، فالطريق إليه أن يجمع الأجناس بحسب المعاني، ويجعل لكل جنس باباً، كما اختاره الزمخشري في قسم الأسماء من ( مقدمة الأدب).
ولاشك أن تلك الطرق قد توحدت هذه الأيام عملياً، بالطريقة الدارجة في قواميس اللغة، حيث إن من أراد العثور على معنى كلمة ما فما عليه إلا أن يعود إلى أصل الكلمة، ثم يبحث عنها في باب أول حرف لها، ثم ينزل إلى الحرف الثاني ليجدها في فصله، فكلمة (استنبات) يعود المرء بأصلها إلى (نبت) فيبحث عنها في حرف النون، ثم يتجاوز حرف النون مع الألف إلى حرف النون مع الباء الذي هو ثاني حرف من الكلمة.
مفردات الموضوعات:
علما أن هناك علماء آخرين أحدثوا طرقاً أخرى لعلم اللغة، حيث قسموه أقساماً وأجزاء، فكتبوا لكل باحث عن مفردة من مفردات اللغة كتباً مستقلة في موضوع من الموضوعات.
يقول صاحب (أبجد العلوم): ثم إن اختلاف الهمم قد أوجب إحداث طرق شتى: فمن واحد أداه رأيه إلى أن يفرد لغات القرآن، ومن آخر إلى أن يفرد غريب الحديث، وآخر إلى أن يفرد لغات الفقه كالمطرزي في المغرب، وأن يفرد اللغات الواردة في أشعار العرب وقصائدهم ومايجري مجراها( كنظام الغريب).. والمقصود هو الإرشاد عند مساس أنواع الحاجات.
كتب علم اللغة:
وقد كثرت كتب علم متن اللغة بعد كتاب العين، فهذا أبو بكر بن دريد يؤلف كتابه ( الجمهرة) على حروف المعجم بترتيبها المعروف الآن، كما ألف الجوهري كتابه ( الصحاح)، وابن سيده الأندلسي كتابه ( المحكم)، والصاحب بن عباد كتابه (المحيط)، وابن فارس كتاب ( المجمل).
ثم من بعد هؤلاء الأوائل جاء المتأخرون، أمثال ابن الأثير في (النهاية) وابن مكرّم في (لسان العرب) والفيومي في (المصباح) والفيروزآبادي في (القاموس) وغيرهم.
الجهود المتأخرة في علم اللغة:
وقبل أن نختم نشير إلى جهد جديد حري بالتنويه والذكر في علم اللغة، وهو جهود المجامع اللغوية المكونة من علماء متخصصين في اللغة العربية، والذين يكون من صلب عملهم وضع ضوابط علمية لكلمات المصطلحات الحديثة، التي تحتاجها اللغة العربية لتكون وافية بمطالب العلوم والفنون وتقدمها، ليتحدد ماينبغي استعماله أو تجنبه من الألفاظ والتراكيب..
وفي مقدمة (المعجم الوسيط) الذي أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة شرح وافٍ وجهد بارز.
اتمنى لكم الاستفادة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس